أخبرنا أبو عبد الله قال : حدثنا أبو العباس قال : أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي في مبسوط كلامه : « لبن التصرية (1) مبيع مع الشاة ، وكان في ملك البائع ، فإذا حلبه ثم أراد ردها بعيب التصرية ردها وصاعا من تمر كثر اللبن أو قل ؛ لأن ذلك شيء وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم ، والعلم يحيط أن ألبانها مختلفة ، واللبن بعده حادث في ملك المشتري ، لم تقع عليه صفقة البيع كما حدث الخراج في ملكه ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : » أنه قضى أن الخراج بالضمان « . . قال أحمد : زعم بعض من ترك الحديث أن ذلك حين كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال ، ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي ، فصار هذا أيضا منسوخا ، وهذا منه توهم ، وسعر اللبن في القديم والحديث أرخص من سعر التمر ، والتصرية وجدت من البائع لا من المشتري ، فلو كان ذلك على وجه العقوبة لأشبه أن يجعله على المشتري بلا شيء أو بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال ، لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر بكثير ؛ لأنه إنما يلزمه رد ما كان موجودا حال البيع ، دون ما حدث بعده ، وهلا جعله شبيها بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حده ، فقضى فيه بأمر ينتهى إليه ، كذلك لبن التصرية اختلط بالحادث بعده ، لا يوقف حده ، فقضي فيه بأمر ينتهى إليه ، ثم من أخبره بأن قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في المصراة كان قبل نسخ العقوبات في الأموال حتى يجعله منسوخا معها ، وأبو هريرة من أواخر من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وحمل خبر التصرية عنه في آخر عمره ، وعبد الله بن مسعود أفتى به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة ، فلو صار إلى قول عبد الله ومعه ما ذكرنا من السنة الثابتة التي لا معارض لها كان أولى به من دعوى النسخ في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالتوهم ، وأعجب من هذا أن من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يحكي ما ذكرنا عن بعض أصحابه ، ثم يدعي خبر المصراة بأن المشتري ملك لبنا دينا بصاع تمر دين ، فقد حل ذلك محل بيع الدين بالدين ، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من بعد عن بيع الدين بالدين ، وروي حديث موسى بن عبيدة الربذي ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ » . فصار ذلك منسوخا به ، وهذا من الضرب الذي تغني حكايته عن جوابه ، أي بيع جرى بينهما على اللبن بالتمر حتى يكون ذلك بيع دين بدين ، ومن أتلف على غيره شيئا فالمتلف غير حاضر ، والذي يلزمه من الضمان غير حاضر ، فيجعل دينا بدين حتى لا يوجب الضمان ويعدل عن إيجاب الضمان إلى حكم آخر ، وقد يكون ما حلب من اللبن حاضرا عنده في آنيته ، أفيحل ذلك محل الدين بالدين ، أو يكون خارجا من حديث موسى بن عبيدة ؟ لو كان يصرح بنسخ حديث المصراة لم يكن فيه حجة عند أهل العلم بالحديث ، فكيف وليس في حديثه مما توهمه قائل هذا شيء ، والله المستعان.
Öneri Formu
Hadis Id, No:
200607, BMS003477
Hadis:
أخبرنا أبو عبد الله قال : حدثنا أبو العباس قال : أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي في مبسوط كلامه : « لبن التصرية (1) مبيع مع الشاة ، وكان في ملك البائع ، فإذا حلبه ثم أراد ردها بعيب التصرية ردها وصاعا من تمر كثر اللبن أو قل ؛ لأن ذلك شيء وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم ، والعلم يحيط أن ألبانها مختلفة ، واللبن بعده حادث في ملك المشتري ، لم تقع عليه صفقة البيع كما حدث الخراج في ملكه ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : » أنه قضى أن الخراج بالضمان « . . قال أحمد : زعم بعض من ترك الحديث أن ذلك حين كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال ، ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي ، فصار هذا أيضا منسوخا ، وهذا منه توهم ، وسعر اللبن في القديم والحديث أرخص من سعر التمر ، والتصرية وجدت من البائع لا من المشتري ، فلو كان ذلك على وجه العقوبة لأشبه أن يجعله على المشتري بلا شيء أو بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال ، لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر بكثير ؛ لأنه إنما يلزمه رد ما كان موجودا حال البيع ، دون ما حدث بعده ، وهلا جعله شبيها بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حده ، فقضى فيه بأمر ينتهى إليه ، كذلك لبن التصرية اختلط بالحادث بعده ، لا يوقف حده ، فقضي فيه بأمر ينتهى إليه ، ثم من أخبره بأن قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في المصراة كان قبل نسخ العقوبات في الأموال حتى يجعله منسوخا معها ، وأبو هريرة من أواخر من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وحمل خبر التصرية عنه في آخر عمره ، وعبد الله بن مسعود أفتى به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة ، فلو صار إلى قول عبد الله ومعه ما ذكرنا من السنة الثابتة التي لا معارض لها كان أولى به من دعوى النسخ في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالتوهم ، وأعجب من هذا أن من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يحكي ما ذكرنا عن بعض أصحابه ، ثم يدعي خبر المصراة بأن المشتري ملك لبنا دينا بصاع تمر دين ، فقد حل ذلك محل بيع الدين بالدين ، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من بعد عن بيع الدين بالدين ، وروي حديث موسى بن عبيدة الربذي ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ » . فصار ذلك منسوخا به ، وهذا من الضرب الذي تغني حكايته عن جوابه ، أي بيع جرى بينهما على اللبن بالتمر حتى يكون ذلك بيع دين بدين ، ومن أتلف على غيره شيئا فالمتلف غير حاضر ، والذي يلزمه من الضمان غير حاضر ، فيجعل دينا بدين حتى لا يوجب الضمان ويعدل عن إيجاب الضمان إلى حكم آخر ، وقد يكون ما حلب من اللبن حاضرا عنده في آنيته ، أفيحل ذلك محل الدين بالدين ، أو يكون خارجا من حديث موسى بن عبيدة ؟ لو كان يصرح بنسخ حديث المصراة لم يكن فيه حجة عند أهل العلم بالحديث ، فكيف وليس في حديثه مما توهمه قائل هذا شيء ، والله المستعان.
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
Beyhakî, Ma'rifetü's-sünen ve'l-âsâr, Buyû' 3477, 4/356
Senetler:
()
Konular: