(تنبيه) ذهب الصوفية إلى أن هذا السفر ليس هو المعهود بل المأمور به السفر بالفكر والعمل والاعتبار والمسافر هو الذي أسفر له سلوكه عن أمور مقصودة له وغير مقصودة والمسافر في الطريق اثنان مسافر يفكر في المعقولات والاعتبار ومسافر بالأعمال وهم أصحاب اليعملات فمن أسفر له طريقه عن شئ فهو مسافر ومن لا فهو مسافر متصرف في طريق مدينة وشوارعها غير مسافر فالمسافر
من سافر بفكره في طلب الآيات والدلالات على وجود الصانع فلم يجد في سفره دليلا سوى إمكانه وأنه ليست نسبة الوجود إليه أولى من نسبة العدم فافتقر إلى مرجح فلما وصل إلى هذه المنزلة وقطع هذه المهلة وأسفرت عن وجوه مرجحة أحدث سفرا آخر فيما ينبغي للصانع الذي أوجده فأسفر له الدليل على تفرد هذا المرجح بأنه واجب الوجود لنفسه لا يجوز عليه ما جاز على الممكن من الافتقار ثم انتقل مسافرا إلى منزل آخر فأسفر له أن واجب الوجود يستحيل عدمه لثبوت قدمه إذ لو انعدم لم يكن واجب الوجود لنفسه ثم سافر إلى أن ينفي عنه كل ما يدل على حدوثه ثم يسافر في علم الوجود بوجود العالم وبقائه وصلاحه إذ لو كان معه إله آخر لم يوجد العالم بفرض الاتفاق والاختلاف كما يعطيه النظر ثم يسافر إلى منزلة يعطيه العلم بما أوجده وخلقه والإرادة لذلك ونفوذها وعدم قصورها وعموم تعلق قدرته بإيجاد هذا الممكن وحياة هذا المرجح لأنها شرط ثبوت هذه النعوت له وإثبات صفات الكمال من كلام وسمع وبصر ثم يسافر إلى منزلة تسفر له عن إمكان بعثة الرسل وأنه بعث رسلا وأقام الأدلة على صدقهم فيما ادعوه ولما كان هو ممن بعث إليه الرسول وآمن به واتبعه في مواسمه حتى أحبه الله فكشف عن قلبه وطالع عجائب الملكوت وانتقش في نفسه جميع ما في العالم وفر إلى الله مسافرا من كل ما يبعده منه ويحجبه عنه إلى أن رآه في كل شئ أراد أن يلقي عصا التسيار فعرفه ربه أن الأمر لا نهاية له وأنه لا يزال مسافرا إلى منزلة تسمى بالموت ثم لا يزال مسافرا حتى يقطع منازل البرزخ إلى أن يصل إلى منزلة بالبعث فيركب مركبا شريفا يحمله إلى دار سعادته فيصح صحة الآبق.
(ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي سعيد) الخدري.
4625 - (سافروا تصحوا وتغنموا (1) قال البيهقي : دل به على ما فيه سبب الغنى ، ومما عزي للشافعي : تغرب عن الأوطان في طلب العلا * وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد وقد خص الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في مناكب الأرض بما تفيده السعاية وترفعه من الذل (ص. 108)
إلى العز ومن الفقر إلى الغنى ومن الضعة إلى الرفعة ومن الخمول إلى النباهة (هق) عن بسطام بن حبيب ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبي حازم (عن ابن عباس) مرفوعا (الشيرازي في) كتاب (الألقاب طس وأبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (والقضاعي) في مسند الشهاب (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال الطبراني : لم يروه عن ابن دينار إلا محمد بن رواد وقال البيهقي : رواه محمد بن عبد الرحمن بن رواد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر اه قال في المهذب : ابن رواد واه اه وفي الميزان عن الأزدي لا يكتب حديثه ثم أورد له هذا الخبر اه وقد علمت أن روادا تفرد به فالحديث لأجله شديد الضعف.
4626 - (سافروا تصحوا وترزقوا) ومن ثمة قيل : شمر ذيلا وأدرع ليلا فمن لزم القرار ضاجع الصغار وقيل : السيف إن قر في الغمد صدئ وقيل : إن لزوم قفر البيوت موت وإن السير في الأرض النشور قال الراغب : وإذا تأملت هذا الحديث ونظرت إليه نظرا عاليا علمت أنه حثك على التحرك الذي يثمر لك جنة المأوى ومصاحبة الملأ الأعلى بل مجاورة الله تعالى وذلك يحتاج إلى أربعة أمور معرفة المقصود المشار إليه بقوله * (توبوا إلى الله جميعا) * ومعرفة الطريق المشار إليه بقوله * (قل هذه سبيلي) * وتحصيل الزاد المبلغ المشار إليه بقوله * (وتزودوا) * والمجاهدة في الوصول إليه كما قال * (وجاهدوا في الله حق جهاده) * قال الفقيه عيسى الحضرمي : عرض علي في بعض الأحوال في غيبة وليس بنوم كتاب وإذا أوله سافروا عن أوطان النفوس إلى حضرة الملك القدوس تصحوا من سقام كيف ولم وهلا وإلا ولولا انتهى.
(عب عن محمد بن عبد الرحمن مرسلا).
4627 - (سافروا تصحوا واغزوا تستغنوا) قرنه بالغزو يعرفك أن المراد بالسفر في هذا وما قبله من الأخبار سفر الجهاد ونحوه من كل سفر واجب فلا يناقضه ما سيجئ في خبر السفر قطعة من العذاب مما ظاهره التزهيد فيه على أن ذلك إنما خرج بيانا لما يلقاه المسافر من مشاق السفر ومتاعبه.
(تنبيه) قال الغزالي : السفر سفران سفر بالظاهر وسفر بالباطن إلى الله وأشير إليه بقوله * (إني ذاهب إلى ربي) * وإليهما بقوله * (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) * والثاني أعظم لأن صاحبه يتنزه أبدا * (في جنة عرضها السماوات والأرض) * وينزل
منازلا لا يضيق بكثرة الواردين.
(حم عن أبي هريرة).
4628 - (سافروا مع ذوي الجد وذوي الميسرة) لأن السفر يظهر خبايا الطبائع وكوامن الأخلاق وخفايا السجايا إذ الأبدان إذا تعبت ضعفت القوة المختلفة في القلة والكثرة لكون الطبائع تبعثها وتبين مقاديرها وزيادة بعضها ونقصان بعض فتظهر محاسن الأخلاق ومساوئها لأنها تميز الطبائع من القوة والقوى من الأحوال والسفر يأتي على مختلف الأهوية والأغذية فمن سافر مع أهل الجد (ص. 109)
Öneri Formu
Hadis Id, No:
204894, FK4/108
Hadis:
(تنبيه) ذهب الصوفية إلى أن هذا السفر ليس هو المعهود بل المأمور به السفر بالفكر والعمل والاعتبار والمسافر هو الذي أسفر له سلوكه عن أمور مقصودة له وغير مقصودة والمسافر في الطريق اثنان مسافر يفكر في المعقولات والاعتبار ومسافر بالأعمال وهم أصحاب اليعملات فمن أسفر له طريقه عن شئ فهو مسافر ومن لا فهو مسافر متصرف في طريق مدينة وشوارعها غير مسافر فالمسافر
من سافر بفكره في طلب الآيات والدلالات على وجود الصانع فلم يجد في سفره دليلا سوى إمكانه وأنه ليست نسبة الوجود إليه أولى من نسبة العدم فافتقر إلى مرجح فلما وصل إلى هذه المنزلة وقطع هذه المهلة وأسفرت عن وجوه مرجحة أحدث سفرا آخر فيما ينبغي للصانع الذي أوجده فأسفر له الدليل على تفرد هذا المرجح بأنه واجب الوجود لنفسه لا يجوز عليه ما جاز على الممكن من الافتقار ثم انتقل مسافرا إلى منزل آخر فأسفر له أن واجب الوجود يستحيل عدمه لثبوت قدمه إذ لو انعدم لم يكن واجب الوجود لنفسه ثم سافر إلى أن ينفي عنه كل ما يدل على حدوثه ثم يسافر في علم الوجود بوجود العالم وبقائه وصلاحه إذ لو كان معه إله آخر لم يوجد العالم بفرض الاتفاق والاختلاف كما يعطيه النظر ثم يسافر إلى منزلة يعطيه العلم بما أوجده وخلقه والإرادة لذلك ونفوذها وعدم قصورها وعموم تعلق قدرته بإيجاد هذا الممكن وحياة هذا المرجح لأنها شرط ثبوت هذه النعوت له وإثبات صفات الكمال من كلام وسمع وبصر ثم يسافر إلى منزلة تسفر له عن إمكان بعثة الرسل وأنه بعث رسلا وأقام الأدلة على صدقهم فيما ادعوه ولما كان هو ممن بعث إليه الرسول وآمن به واتبعه في مواسمه حتى أحبه الله فكشف عن قلبه وطالع عجائب الملكوت وانتقش في نفسه جميع ما في العالم وفر إلى الله مسافرا من كل ما يبعده منه ويحجبه عنه إلى أن رآه في كل شئ أراد أن يلقي عصا التسيار فعرفه ربه أن الأمر لا نهاية له وأنه لا يزال مسافرا إلى منزلة تسمى بالموت ثم لا يزال مسافرا حتى يقطع منازل البرزخ إلى أن يصل إلى منزلة بالبعث فيركب مركبا شريفا يحمله إلى دار سعادته فيصح صحة الآبق.
(ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي سعيد) الخدري.
4625 - (سافروا تصحوا وتغنموا (1) قال البيهقي : دل به على ما فيه سبب الغنى ، ومما عزي للشافعي : تغرب عن الأوطان في طلب العلا * وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد وقد خص الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في مناكب الأرض بما تفيده السعاية وترفعه من الذل (ص. 108)
إلى العز ومن الفقر إلى الغنى ومن الضعة إلى الرفعة ومن الخمول إلى النباهة (هق) عن بسطام بن حبيب ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبي حازم (عن ابن عباس) مرفوعا (الشيرازي في) كتاب (الألقاب طس وأبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (والقضاعي) في مسند الشهاب (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال الطبراني : لم يروه عن ابن دينار إلا محمد بن رواد وقال البيهقي : رواه محمد بن عبد الرحمن بن رواد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر اه قال في المهذب : ابن رواد واه اه وفي الميزان عن الأزدي لا يكتب حديثه ثم أورد له هذا الخبر اه وقد علمت أن روادا تفرد به فالحديث لأجله شديد الضعف.
4626 - (سافروا تصحوا وترزقوا) ومن ثمة قيل : شمر ذيلا وأدرع ليلا فمن لزم القرار ضاجع الصغار وقيل : السيف إن قر في الغمد صدئ وقيل : إن لزوم قفر البيوت موت وإن السير في الأرض النشور قال الراغب : وإذا تأملت هذا الحديث ونظرت إليه نظرا عاليا علمت أنه حثك على التحرك الذي يثمر لك جنة المأوى ومصاحبة الملأ الأعلى بل مجاورة الله تعالى وذلك يحتاج إلى أربعة أمور معرفة المقصود المشار إليه بقوله * (توبوا إلى الله جميعا) * ومعرفة الطريق المشار إليه بقوله * (قل هذه سبيلي) * وتحصيل الزاد المبلغ المشار إليه بقوله * (وتزودوا) * والمجاهدة في الوصول إليه كما قال * (وجاهدوا في الله حق جهاده) * قال الفقيه عيسى الحضرمي : عرض علي في بعض الأحوال في غيبة وليس بنوم كتاب وإذا أوله سافروا عن أوطان النفوس إلى حضرة الملك القدوس تصحوا من سقام كيف ولم وهلا وإلا ولولا انتهى.
(عب عن محمد بن عبد الرحمن مرسلا).
4627 - (سافروا تصحوا واغزوا تستغنوا) قرنه بالغزو يعرفك أن المراد بالسفر في هذا وما قبله من الأخبار سفر الجهاد ونحوه من كل سفر واجب فلا يناقضه ما سيجئ في خبر السفر قطعة من العذاب مما ظاهره التزهيد فيه على أن ذلك إنما خرج بيانا لما يلقاه المسافر من مشاق السفر ومتاعبه.
(تنبيه) قال الغزالي : السفر سفران سفر بالظاهر وسفر بالباطن إلى الله وأشير إليه بقوله * (إني ذاهب إلى ربي) * وإليهما بقوله * (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) * والثاني أعظم لأن صاحبه يتنزه أبدا * (في جنة عرضها السماوات والأرض) * وينزل
منازلا لا يضيق بكثرة الواردين.
(حم عن أبي هريرة).
4628 - (سافروا مع ذوي الجد وذوي الميسرة) لأن السفر يظهر خبايا الطبائع وكوامن الأخلاق وخفايا السجايا إذ الأبدان إذا تعبت ضعفت القوة المختلفة في القلة والكثرة لكون الطبائع تبعثها وتبين مقاديرها وزيادة بعضها ونقصان بعض فتظهر محاسن الأخلاق ومساوئها لأنها تميز الطبائع من القوة والقوى من الأحوال والسفر يأتي على مختلف الأهوية والأغذية فمن سافر مع أهل الجد (ص. 109)
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
, ,
Senetler:
()
Konular:
KTB, CİHAD
Yolculuk, Sefer , hayat ,