أنبأني أبو عبد الله ، إجازة ، عن ابن العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي قال : معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم : « لا يغلق الرهن » ، لا يغلق بشيء ، أي : إن ذهب لم يذهب بشيء ، وإن أراد صاحبه انفكاكه فلا يغلق في يدي الذي هو في يديه ، والرهن للراهن أبدا حتى يخرجه من ملكه بوجه يصح إخراجه له ، والدليل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرهن من صاحبه الذي رهنه » ، ثم بينه ووكده ، فقال : « له غنمه ، وعليه غرمه (1) » قال الشافعي : وغنمه : سلامته وزيادته ، وغرمه : عطبه ونقصه ، ولو كان إذا رهن رهنا بدرهم وهو يساوي درهما فهلك ، ذهب الدرهم فلم يلزم الراهن ، كان إنما هلك من مال المرتهن ، لا مال الراهن ، فهو حينئذ من المرتهن لا من الراهن ، وهذا خلاف ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « . وبسط الكلام فيه . قالوا : روينا عن علي بن أبي طالب ، أنه قال : » يترادان الفضل قال : قلنا : فهو إذا قال : يترادان الفضل ، فقد خالف قولكم ، وزعم أنه ليس منه شيء بأمانة قال : فقد روينا عن شريح ، أنه قال : الرهن بما فيه ، وإن كان خاتما من حديد ، قلنا : وأنت أيضا تخالفه ، أنت تقول : إن رهنه بمائة ألف فهلك الرهن رجع صاحب الحق المرتهن على الراهن بتسع مائة من رأس ماله ، وشريح لا يرد واحدا منهما على صاحبه بحال
قال : فقد روى مصعب بن ثابت ، عن عطاء ، أن رجلا رهن رجلا فرسا فهلك الفرس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ذهب حقك » . فقيل له : أخبرنا إبراهيم ، عن مصعب بن ثابت ، عن عطاء قال : زعم الحسن كذا ، ثم حكى هذا القول قال إبراهيم : كان عطاء يتعجب مما روى الحسن ، وأخبرنيه غير واحد عن مصعب ، عن عطاء ، عن الحسن ، وأخبرني من أثق به أن رجلا من أهل العلم ، سماه في القديم ، فقال : إن ابن المبارك رواه عن مصعب ، عن عطاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وسكت عن الحسن ، فقيل له : أصحاب مصعب يروونه ، عن عطاء ، عن الحسن ، فقال : نعم ، كذلك حدثنا ، ولكن عطاء مرسل أنفق من الحسن مرسل ، فقال الشافعي : ومما يدلك على وهن ذلك عن عطاء إن كان رواه أن عطاء يفتي بخلافه ، ويقول : فيما ظهر هلاكه أمانة ، وفيما خفي هلاكه : يترادان الفضل ، وهذا أثبت الرواية عنه ، وقد روي عنه : يترادان ، مطلقة ، وما شككنا فيه ، فلا نشك أن عطاء إن شاء الله لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثبتا عنده ويقول بخلافه ، مع أني لم أعلم أحدا روى هذا عن عطاء يرفعه إلا مصعب قال : والذي روي عن عطاء يرفعه يوافق قول شريح : أن الرهن بما فيه ، فقد يكون الفرس أكثر مما فيه من الحق ، ومثله وأقل ، فلم يرو أنه سأل عن قيمة الفرس قال : فكيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ، قلنا : لا يحفظ أن ابن المسيب روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده ، ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا عن ثقة معروف ، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه . وبسط الكلام في شرح هذا قال : فكيف لم تأخذوا بقول علي فيه ، قلنا : إذا ثبت عندنا عن علي ، رضي الله عنه ، لم يكن لنا أن نترك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : إلى ما جاء عن غيره قال : فقد روى عبد الأعلى الثعلبي ، عن علي بن أبي طالب ، شبيها بقولنا ، قلنا : الرواية عن علي بن أبي طالب ، بأن يترادا الفضل أصح عنه من رواية عبد الأعلى ، وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الأعلى التي لا يعارضها معارض تضعيفا شديدا ، فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها منه قال الشافعي : وقيل لقائل هذا القول : قد خرجت فيه مما رويت عن عطاء ترفعه ، ومن أصح الروايتين عن علي ، وعن شريح ، وما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول رويته عن إبراهيم ، وقد روي عن إبراهيم خلافه . وبسط الكلام في هذا . قال أحمد : أما الذي ذكر الشافعي رحمه الله في مرسلات ابن المسيب ، فكذلك قال غيره من أهل العلم بالحديث قال أحمد بن حنبل : مرسلات سعيد بن المسيب صحاح ، لا نرى أصح من مرسلاته ، وأما الحسن ، وعطاء فليست مراسيلهما بذلك ، هي أضعف المرسلات ، كأنهما كانا يأخذان عن كل
Öneri Formu
Hadis Id, No:
200751, BMS003621
Hadis:
أنبأني أبو عبد الله ، إجازة ، عن ابن العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي قال : معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم : « لا يغلق الرهن » ، لا يغلق بشيء ، أي : إن ذهب لم يذهب بشيء ، وإن أراد صاحبه انفكاكه فلا يغلق في يدي الذي هو في يديه ، والرهن للراهن أبدا حتى يخرجه من ملكه بوجه يصح إخراجه له ، والدليل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرهن من صاحبه الذي رهنه » ، ثم بينه ووكده ، فقال : « له غنمه ، وعليه غرمه (1) » قال الشافعي : وغنمه : سلامته وزيادته ، وغرمه : عطبه ونقصه ، ولو كان إذا رهن رهنا بدرهم وهو يساوي درهما فهلك ، ذهب الدرهم فلم يلزم الراهن ، كان إنما هلك من مال المرتهن ، لا مال الراهن ، فهو حينئذ من المرتهن لا من الراهن ، وهذا خلاف ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « . وبسط الكلام فيه . قالوا : روينا عن علي بن أبي طالب ، أنه قال : » يترادان الفضل قال : قلنا : فهو إذا قال : يترادان الفضل ، فقد خالف قولكم ، وزعم أنه ليس منه شيء بأمانة قال : فقد روينا عن شريح ، أنه قال : الرهن بما فيه ، وإن كان خاتما من حديد ، قلنا : وأنت أيضا تخالفه ، أنت تقول : إن رهنه بمائة ألف فهلك الرهن رجع صاحب الحق المرتهن على الراهن بتسع مائة من رأس ماله ، وشريح لا يرد واحدا منهما على صاحبه بحال
قال : فقد روى مصعب بن ثابت ، عن عطاء ، أن رجلا رهن رجلا فرسا فهلك الفرس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ذهب حقك » . فقيل له : أخبرنا إبراهيم ، عن مصعب بن ثابت ، عن عطاء قال : زعم الحسن كذا ، ثم حكى هذا القول قال إبراهيم : كان عطاء يتعجب مما روى الحسن ، وأخبرنيه غير واحد عن مصعب ، عن عطاء ، عن الحسن ، وأخبرني من أثق به أن رجلا من أهل العلم ، سماه في القديم ، فقال : إن ابن المبارك رواه عن مصعب ، عن عطاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وسكت عن الحسن ، فقيل له : أصحاب مصعب يروونه ، عن عطاء ، عن الحسن ، فقال : نعم ، كذلك حدثنا ، ولكن عطاء مرسل أنفق من الحسن مرسل ، فقال الشافعي : ومما يدلك على وهن ذلك عن عطاء إن كان رواه أن عطاء يفتي بخلافه ، ويقول : فيما ظهر هلاكه أمانة ، وفيما خفي هلاكه : يترادان الفضل ، وهذا أثبت الرواية عنه ، وقد روي عنه : يترادان ، مطلقة ، وما شككنا فيه ، فلا نشك أن عطاء إن شاء الله لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثبتا عنده ويقول بخلافه ، مع أني لم أعلم أحدا روى هذا عن عطاء يرفعه إلا مصعب قال : والذي روي عن عطاء يرفعه يوافق قول شريح : أن الرهن بما فيه ، فقد يكون الفرس أكثر مما فيه من الحق ، ومثله وأقل ، فلم يرو أنه سأل عن قيمة الفرس قال : فكيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ، قلنا : لا يحفظ أن ابن المسيب روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده ، ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا عن ثقة معروف ، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه . وبسط الكلام في شرح هذا قال : فكيف لم تأخذوا بقول علي فيه ، قلنا : إذا ثبت عندنا عن علي ، رضي الله عنه ، لم يكن لنا أن نترك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : إلى ما جاء عن غيره قال : فقد روى عبد الأعلى الثعلبي ، عن علي بن أبي طالب ، شبيها بقولنا ، قلنا : الرواية عن علي بن أبي طالب ، بأن يترادا الفضل أصح عنه من رواية عبد الأعلى ، وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الأعلى التي لا يعارضها معارض تضعيفا شديدا ، فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها منه قال الشافعي : وقيل لقائل هذا القول : قد خرجت فيه مما رويت عن عطاء ترفعه ، ومن أصح الروايتين عن علي ، وعن شريح ، وما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول رويته عن إبراهيم ، وقد روي عن إبراهيم خلافه . وبسط الكلام في هذا . قال أحمد : أما الذي ذكر الشافعي رحمه الله في مرسلات ابن المسيب ، فكذلك قال غيره من أهل العلم بالحديث قال أحمد بن حنبل : مرسلات سعيد بن المسيب صحاح ، لا نرى أصح من مرسلاته ، وأما الحسن ، وعطاء فليست مراسيلهما بذلك ، هي أضعف المرسلات ، كأنهما كانا يأخذان عن كل
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
Beyhakî, Ma'rifetü's-sünen ve'l-âsâr, Rehn 3621, 4/438
Senetler:
()
Konular: